4 أبريل 2015 الى 4 أبريل 2017م
في رابع من أبريل 1968م، أغتيل مناهض العنصرية و المناضل من أجل الحرية و
الحقوق السود بأمريكا مارتن لوثر كينغ جونيور ، وفي مثل هذا اليوم من عام 2015م
غيب الموت منا الصاحب و الصديق "
عبداللطيف كدي" في محاولة لإنقاذ اصحابه من الغرق في النيل و لكن ما حدث هو
عن يصارع النيل بلا رحمة و لا ندم ،بعيداً عن الجبانات الشهيرة الى المقبرة
معزولاً ، فلتمض يا صاحب مثل طبل مبحوح و أنت تدق الألحان الجنائزية في العزلة
العميقة ، النيل الذي هزأ بشيبه على الراحل الهائم على الشاطئ و مرتعش بحداده على
روحاً طاهرة ، النيل كابوس مليئ بالأشياء المجهولة لأغواء الشياطين و النيل خائن
كبير .
الموت نهر النسيان ولكن الحياة تنساب فيها و تختلج بلا
إنتهاء مثلما الهواء في السماء و البحر ، أو الموت لن يكون سوى وهم و إن الحياة ما
بعد الموت لن تكون سوى ديمومة للحياة ،سوى
إمتداد الإنتظار الذي حكم به على الأحياء. فيما وراء الموت "بلا مفاجأة"
لن يكون ثمة سوى بداية "الفجر الرهيب" ليوم بلا نهاية ، وبصورة مختلفة
يتخذ الموت معنى فضاء آخر و بأعتباره أملاً كخلاص ما ، فأنه يتخذ ألوان الحلم كما
عبر عنه بودلير :
هو مجد الآلهة و مخزن الغلال الروحي ... هو الرواق المفتوح
على السماوات المجهولة .
في نهار ذلك اليوم تغطت الشمس بثياب الحداد و مثلها
القمر، في سراديب الحزن بلا قرار حيث نفاني القدر ، اعتمت الشمس و السماء كساها الغيوم والمكان كئيبة مليئة بالهمهمات و
العويل حيث العيون الدامعة و تصاعد الأحزان ، وتخترقها فجاة موج النحيب .
الصرخات ، الدموع ، التجديف هي صدى يتردد في ألف متاهة و
نداء يرددها الصحابي وقتئذ لأستغاثة . أيها الإنسان الحر دائماً ما تعشق البحر في
تعاقب أمواجه اللانهائي ما هذا أنك لفرط تعشق الموت ثم رحلت .
يا أيها الراحل من الحياة لن ترحل أبداً في ذاكرتي يا من كنت ملاذي و مجدي ، ترهقني ذكراك و تبقي
معلقة بقوافي المتعالية بتمجيد صادق و مجازي ، من أين يأتي هذا الحزن الغريب ،ألم
بالغ البساطة و بلا خفاء جلي للجميع ، تنساب روحك برشاقة و ببهجة تشق اغوار الفضاء
و بهفاوة فوق الوصف و تلاحقني بعيداً عن هذا الأرض في الأثير الأعلى و نشرب شراب صاف
و سماوي ، أنه يا صاحب : سعيد لأنك تستطيع الإنطلاق الى الحقول المضيئة الساكنة و
الفضاءات النقية ،بإنطلاق حر الي السماوات ، فوق الحياة بلاء عناء كعبير الزهور و
الأشياء الصامتة . وأعرف أن العذاب هو النبل الفريد الذي لم يأكله أبداً التراب ولا
الجحيم ولا بد من تغريم الأزمان و
الأكوان.
هكذا أيتها
الروح المتألقة فطيفك يشبه دائماً الشمس الخالدة ، يا أيتها الروح المبهجة أبداً و
الفم ذو الضحك الطفولي أكثر من الحياة ، كثيراً ما يشدنا الموت بخيوط رهيفة ،يا
أيها الملاك المفعم بالجمال و الطيبة و الفرح و السعادة هل تعرف الغم و النحيب في
تلك الليالي المظلمة حيث يعلن الإنتقام نداءه الجهنمي؟!
عبداللطيف إنسان ساحر بإبتسامة عذبة مفعمة بالغموض و
قلبه مفعم بالحنان العميم هذه العظمة الفطرية يفوق اي تصور بسيمائه البسيطة بجبينه
العذاب .
حيث تمر علينا الذكرى الثانية للرحيل الصاحب و الموهوب "توريس"
بينما يمر عليٌ ايضاُ ظروف بالغة التعقيد و دونكم مغادرتي البلاد و امور اخرى تحول
دون مشاركتي في التأبين الثاني ، ولكني سأعمل على احياء هذه الذكرى دوماً اينما
كنت ، و ستظل روح توريس حياُ فيني الى الأبد تزاحمني الحياة و تشاركني المحطات.
الرحمة تغشاك يا الصاحب في عليائك السرمدية و سلام عليك في اثيرك العالي
عبدالسلام منداس
القاهرة 4/4/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق